سورة الدخان - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الدخان)


        


قوله عز وجل: {حم والكتاب المبين} يعني المبين ما يحتاج الناس إليه من حلال وحرام وغير ذلك من الأحكام {وإنا أنزلناه في ليلة مباركة} قيل هي ليلة القدر أنزل الله تعالى فيها القرآن جملة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا ثم نزل به جبريل نجوماً على حسب الوقائع في عشرين سنة، وقيل هي ليلة النصف من شعبان عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله تبارك وتعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم بني كلب» أخرجه الترمذي. {إنا كنا منذرين} أي مخوفين عقابنا {فيها} أي في تلك الليلة المباركة {يفرق} أي يفصل {كل أمر حكيم} أي محكم، قال ابن عباس: يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما هو كائن في السنة من الخير والشر والأرزاق والآجال حتى الحجاج يقال: يحج فلان ويحج فلان وقيل هي ليلة النصف من شعبان يبرم فيها أمر السنة وينسخ الأحياء من الأموات، وروى البغوي بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى إن الرجل لينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى» وعن ابن عباس «إن الله يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدر» {أمراً} أي أنزلنا أمراً {من عندنا إنا كنا مرسلين} يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ومن قبله من الأنبياء.


{رحمة من ربك} قال ابن عباس رأفة مني بخلقي ونعمة عليهم بما بعثنا إليهم من الرسل وقيل أنزلناه في ليلة مباركة رحمة من ربك {إنه هو السميع} أي لأقوالهم {العليم} أي بأحوالهم {رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين} أي إن الله رب السموات والأرض وما بينهما {لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين} قوله تعالى: {بل هم في شك} أي من هذا القرآن {يلعبون} أي يهزؤون به لاهون عنه {فارتقب} أي يا محمد {يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم}.
(ق) عن مسروق قال: كنا جلوساً عند عبد الله بن مسعود وهو مضطجع بيننا فأتاه رجل فقال يا أبا عبد الرحمن إن قاصاً عند باب كندة يقص ويزعم أن آية الدخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار ويأخذ المؤمنين منها كهيئة الزكام فقام عبد الله وجلس وهو غضبان فقال يا أيها الناس اتقوا الله من علم منكم شيئاً فليقل به ومن لا يعلم شيئاً فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم الله أعلم فإن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم «قل ما أسالكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين» «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى من الناس إدباراً قال اللهم سبعاً كسبع يوسف» وفي رواية «لما دعا قريشاً فكذبوه واستعصوا عليه قال: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف» فأخذتهم سنة حصت كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة من الجوع وينظر أحدهم إلى السماء فيرى كهيئة الدخان فأتاه أبو سفيان فقال يا محمد إنك جئت تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم قال الله عز وجل: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} إلى قوله: {عائدون} قال عبد الله فيكشف عذاب الآخرة يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون فالبطشة يوم بدر.


{ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون} فقيل له إن كشفناه عنهم عادوا فدعا ربه فكشف عنهم فعادوا فانتقم الله منهم يوم بدر فذلك قوله تعالى: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} إلى قوله: {إنا منتقمون} قوله حصت كل شيء بالحاء والصاد المهملتين أي أهلكت واستأصلت كل شيء.
(ق) عن عبد الله بن مسعود قال: خمس قد مضين اللزام والروم والبطشة والقمر والدخان قيل أصابهم من الجوع كالظلمة في أبصارهم وسبب ذلك أن في سنة القحط العظيم تيبس الأرض بسبب انقطاع المطر ويرتفع الغبار ويظلم الهواء والجو وذلك يشبه الدخان وقيل هو دخان يجيء قبل قيام الساعة ولم يأت بعد فيدخل في أسماع الكفار والمنافقين حتى يكون الرجل رأسه كالرأس الحنيذ يعني المشوي ويعتري المؤمن منه كهيئة الزكام وتكون الأرض كلها كبيت أوقد فيه، وهو قول ابن عباس وابن عمر والحسن يدل عليه ما روى البغوي بإسناد الثعلبي عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أول الآيات الدخان ونزول عيسى ابن مريم ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا قال حذيفة: يا رسول الله وما الدخان؟ فتلا هذه الآية: {يوم تأتي السماء بدخان مبين} يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين يوماً وليلة أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكام وأما الكافر فكمنزلة السكران يخرج من منخريه وأذنيه ودبره» {أنى لهم الذكرى} أي كيف يتذكرون ويتعظون بهذه الحالة {وقد جاءهم رسول مبين} معناه وقد جاءهم ما هو أعظم وأدخل في وجوب الطاعة وهو ما ظهر على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم من المعجزات الظاهرات والآيات البينات الباهرة {ثم تولوا عنه} أي أعرضوا عنه {وقالوا معلم} أي يعلمه بشر {مجنون} أي تلقي إليه الجن هذه الكلمات حال ما يعرض له الغشي {إنا كاشفوا العذاب} أي الجوع {قليلاً} أي زمناً يسيراً قيل إلى يوم بدر {إنكم عائدون} أي إلى كفركم {يوم نبطش البطشة الكبرى} هو يوم بدر {إنا منتقمون} أي منكم في ذلك اليوم، وهو قول ابن مسعود وأكثر العلماء وفي رواية عن ابن عباس أنه يوم القيامة.

1 | 2 | 3